نستكشف في هذه الحلقة الأسباب النفسية والاجتماعية لقهر الرجال، وطرق الوقاية منه في حياتنا اليومية. نقدم نصائح عملية وتشارك أثر المؤمن تجربته مع الضغوطات. حلقة إثرائية لكل من يهمه تحقيق توازن نفسي وصحي.
Chapter 1
أثر المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم.. أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أثر المؤمن
هَلْ شَعَرْتَ يَوْمًا بِثِقَلٍ عَلَى صَدْرِكَ لَا تَعْرِفُ مَصْدَرَهُ؟هَلْ أَحْسَسْتَ أَنَّ الدُّنْيَا قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْكَ بِمَا رَحُبَتْ،وَأَنَّ الأَبْوَابَ أُغْلِقَتْ فِي وَجْهِكَ،وَيَدَاكَ مَكْتُوفَتَانِ عَنْ فِعْلِ أَيِّ شَيْء؟شُعُورٌ بِالعَجْزِ،وَالضَّعْفِ،وَالْوَهَنِ...شُعُورٌ بِأَنَّكَ مَغْلُوبٌ عَلَى أَمْرِكَ.
أثر المؤمن
هذا الشعور أيها الأحبة، ليس مجرد إحساس عابر، بل هو شعور خطير، لدرجة أن نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، كان يستعيذ منه في صباحه ومسائه، فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال".
أثر المؤمن
تأملوا معي... "قهر الرجال". ما هو هذا القهر الذي يستعيذ منه سيد الخلق؟ وكيف يمكن أن ننجو منه إذا أحاط بنا؟ في هذه الحلقة، سنغوص معاً في معنى هذا الدعاء النبوي العظيم، لنعرف الداء، ونجد الدواء بإذن الله.
Chapter 2
أثر المؤمن
حياكم الله مجدداً. معكم أخوكم، في رحلة جديدة من رحلات تدبر حياتنا على ضوء كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
أثر المؤمن
موضوعنا اليوم يمس كل واحد منا، لأنه يتعلق بقوة النفس وصلابتها في وجه تقلبات الحياة. سنتحدث عن "قهر الرجال"، هذا المصطلح الذي قد يسمعه البعض ويظنه بعيداً عنه، ولكنه في الحقيقة قريب جداً.
أثر المؤمن
سأروي لكم قصة رجلٍ صالح، ولنطلق عليه اسم "عبد الله". كان عبد الله يسعى في مناكبها، يعمل ويكد، لكن أتته ظروفٌ صعبة، تراكمت عليه الديون، وخسر تجارته، وبدأ يشعر أن قوته تتلاشى، وأن هيبته بين الناس تضعف. هذا هو قهر الرجال الذي سنتحدث عنه. ليس مرضاً عضوياً يُكتب له علاج في عيادة طبيب، بل هو شعورٌ نفسي عميق بالعجز عن دفع الضر عن نفسك، أو جلب الخير لها.
أثر المؤمن
فابقوا معنا، لنكتشف سوياً كيف نحصّن أنفسنا من هذا الشعور، وكيف ننهض من جديد إذا وقعنا فيه، بقوةٍ من الله وعون.
Chapter 3
أثر المؤمن
بارك الله فيكم. دعونا الآن ندخل في صلب الموضوع. "قهر الرجال" كما وصفه أهل العلم، ليس حالة مرضية تحتاج مضادات اكتئاب، لا يا إخوان. هو أثرٌ طبيعي لما يحيط بالإنسان من ظروف. تخيل معي، أن رجلاً كريماً عزيز النفس، يضطر أن يمد يده بسبب "غلبة الدين"، أليس هذا قهراً؟ أو رجلٌ حكيم صاحب رأي، يُهمّش رأيه ويُستخف به لضعف مكانته أو قلة ماله، أليس هذا قهراً؟ هو أن تصل إلى مرحلة تشعر فيها أنك مشلول الإرادة، لا تستطيع أن تدفع عن عرضك، أو تحمي مالك، أو تحقق طموحك.
أثر المؤمن
والأسوأ من ذلك، أن يرى الإنسان شماتة الأعداء، وجفاء الأصدقاء، فيزداد قهره قهراً. هذا الشعور يا إخواني، يكسر ظهور الرجال حقاً. لكن ديننا العظيم لم يتركنا هكذا، بل أعطانا مفاتيح النجاة. المفتاح الأول، وهو الأساس، هو مفتاح داخلي، في قلبك أنت. إنه "قوة اليقين بالله". نعم، اليقين. أن تؤمن إيماناً لا يتزعزع أن كل ما يجري في هذا الكون هو بتقدير العزيز العليم. وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. إذا امتلأ القلب بهذا اليقIN، هانت عليه مصائب الدنيا كلها. يصبح الأمر كما قال الأول: "إذا صحّ منك الود فالكل هيّنٌ.. وكل الذي فوق التراب ترابُ". يصبح همك الأكبر هو الله، فتهون في عينك هموم ما دونه. هذا اليقين يلد "قوة الإرادة"، فتصبح لا ترى في الأسباب قوة، بل ترى القوة في مسبب الأسباب سبحانه.
أثر المؤمن
أما المفتاح الثاني، فهو مفتاح خارجي، عملي. وهو "الحكمة في التعامل مع الأسباب". فالله أمرنا أن نأخذ بالأسباب. فإذا كنت تعلم من نفسك أنك فقير أو دخلك محدود، فلا ترهق نفسك بالديون والاستدانة لأمور كمالية، لا تكلف نفسك ما لا تطيق. هذا ليس جبناً، بل هو الحكمة والعقل. وإذا كنت تعلم أنك ضعيف البنية أو لا تملك الخبرة في أمر ما، فلا تقحم نفسك في مشاريع أكبر منك أو تدخل في صراعات لا تقدر عليها. النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز". فالحرص على ما ينفعك يقتضي أن تعرف قدر نفسك، وأن تبتعد عن مواطن الهلكة ومواطن القهر.
أثر المؤمن
طيب، قد يقول قائل: "لقد وقع الفأس في الرأس، وأنا الآن أعيش هذا القهر". فما العمل؟ هنا يأتي السلاح الذي لا يُهزم أبداً: "الدعاء واللجوء إلى الله". أن ترفع يديك في جوف الليل وتقول: "يا رب، أنت الذي استعاذ منك نبيك من هذا الحال، فإليك أشكو ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس". ناجِ ربك، ابكِ بين يديه، فإن الله لا يرد عبداً لجأ إليه بصدق. واعلم أن هذا القهر الذي أصابك هو "بلاء"، والبلاء إذا صبر عليه العبد واحتسب الأجر، كان رفعةً لدرجاته وتكفيراً لسيئاته. فحوّل المحنة إلى منحة بالصبر والاحتساب. إذن، الخلاصة يا أحبتي، أن النجاة من قهر الرجال تكون بأمرين متلازمين: قوة داخلية عظيمة مصدرها اليقين بالله والتعلق به، وحكمة خارجية عملية تتمثل في معرفة قدر النفس والبعد عن الأسباب التي تجلب القهر. فحصّن قلبك بالتوكل، وحصّن حياتك بالحكمة، وأبشر بالفرج من الله.
Chapter 4
أثر المؤمن
وفي الختام، أسأل الله أن يعيذني وإياكم من الهم والحزن، والعجز والكسل، وغلبة الدين وقهر الرجال.
أثر المؤمن
أتمنى أن تكون هذه الكلمات قد لامست قلوبكم، وأن تكون نبراساً يضيء لكم الطريق. إذا وجدتم في هذه الحلقة فائدة، فلا تبخلوا بها على من تحبون، شاركوها معهم، فالدال على الخير كفاعله.
أثر المؤمن
ولا تنسوا الاشتراك في القناة ليصلكم كل جديد ومفيد بإذن الله.
أثر المؤمن
والآن، أريد أن أسمع منكم. اتركوا لي تعليقاً بالأسفل: أي المفتاحين تشعر أنك بحاجة للعمل عليه أكثر في حياتك اليوم؟ مفتاح اليقين الداخلي، أم مفتاح الحكمة الخارجية؟ تفاعلكم يثري حلقتنا ويجعلنا أسرة واحدة على طريق الخير.
أثر المؤمن
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
About the podcast
Your podcast description will be shown on your custom website, Spotify, and other podcast platforms.